فصل: فصلٌ فِي الْبَقَرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ فِي الْبَقَرِ:

(لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ، فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ سَائِمَةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ.
(وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ، بِهَذَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
الشرح:
فصلٌ فِي الْبَقَرِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا، أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ، أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنْ الْمُعَافِرِ»، ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُعَاذًا، وَهَذَا أَصَحُّ، انْتَهَى.
وَلَيْسَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ ذِكْرُ الْحَالِمِ.
وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مُسْنَدًا فِي النَّوْعِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَالْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، فَقَالَ: مَسْرُوقٌ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ، وَغَيْرُهُ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ تَصَحَّفَ عَلَيْهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَبِي عُمَرَ، إذْ لَا يُعْرَفُ لِأَبِي عُمَرَ إلَّا خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ رَمَاهُ بِالِانْقِطَاعِ أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، وَهَذَا نَصُّ كَلَامِهِمَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي التَّمْهِيدِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ مُعَاذٍ بِإِسْنَادِ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثَنَا مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «بَعَثَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً»، الْحَدِيثَ.
وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ مَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا، وَأَنَّ النِّصَابَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَحَدِيثُ طَاوُسٍ هَذَا عَنْ مُعَاذٍ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، وَالْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذٍ ثَابِتٌ مُتَّصِلٌ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ، فَهَذَا نَصٌّ آخَرُ.
وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ أَوَّلَ كَلَامِهِ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّ مَسْرُوقًا لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: وَجَدْنَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ إنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ فِعْلَ مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ، وَمَسْرُوقٌ بِلَا شَكٍّ عِنْدَنَا أَدْرَكَ مُعَاذًا بِسِنِّهِ وَعَقْلِهِ، وَشَاهَدَ أَحْكَامَهُ يَقِينًا، وَأَفْتَى فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَجُلٌ كَانَ بِالْيَمَنِ أَيَّامَ مُعَاذٍ، بِنَقْلِ الْكَافَّةِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، كَذَلِكَ عَنْ مُعَاذٍ فِي أَخْذِهِ لِذَلِكَ عَنْ عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الْكَافَّةِ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَا أَقُولُ: إنَّ مَسْرُوقًا سَمِعَ مِنْ مُعَاذٍ، إنَّمَا أَقُولُ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يُحْكَمَ بِحَدِيثِهِ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحُكْمِ حَدِيثِ الْمُتَعَاصِرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُعْلَمْ انْتِفَاءُ اللِّقَاءِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالِاتِّصَالِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَشَرْطُ الْبُخَارِيِّ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنْ يُعْلَمَ اجْتِمَاعُهُمَا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا لِقَاءَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، لَا يَقُولَانِ فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مُنْقَطِعٌ، إنَّمَا يَقُولَانِ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ، فَإِذَنْ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْمُتَعَاصِرَيْنِ إلَّا رَأْيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَالِ، وَالْآخَرُ: أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْلَمْ اتِّصَالٌ مَا بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فَلَا، انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ.
وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى: فَمِنْهَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذٍ، وَهِيَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَمِنْهَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ مُعَاذٍ، وَهِيَ عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَمِنْهَا عَنْ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ، وَهِيَ فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَرِوَايَةُ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُعَاذٍ مُنْقَطِعَةٌ، بِلَا شَكٍّ، وَرِوَايَةُ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ كَذَلِكَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَطَاوُسٌ عَالِمٌ بِأَمْرِ مُعَاذٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَلْقَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَطَاوُسٌ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ، أَوْ تَبِيعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، هَلْ يَذْكُرُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، انْتَهَى.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: لَيْسَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ: رَوَى أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَعْطَانِي سِمَاكُ بْنُ الْفَضْلِ كِتَابًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُقَوْقِسِ، فَإِذَا فِيهِ: «وَفِي الْبَقَرِ مِثْلُ مَا فِي الْإِبِلِ»، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «فِي خَمْسِ مِنْ الْبَقَرِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَقَرَةٌ، إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَفِيهَا بَقَرَتَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٌ».
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةٍ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةٍ بَقَرَةٌ»، أَنَّهُ كَانَ تَخْفِيفًا لِأَهْلِ الْيَمَنِ، ثُمَّ كَانَ هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: اُسْتُعْمِلْتُ عَلَى صَدَقَاتِ عَكَّ، فَلَقِيَتْ أَشْيَاخًا مِمَّنْ صَدَقَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: اجْعَلْهَا مِثْلَ صَدَقَةِ الْإِبِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِي ثَلَاثِينَ، تَبِيعٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ، مُسِنَّةٌ، انْتَهَى.
وَلَمْ يُعِلَّهَا الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ بِغَيْرِ إرْسَالٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَإِذَا زَادَتْ عَلَى أَرْبَعِينَ، وَجَبَ فِي الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ إلَى سِتِّينَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَفِي الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ رُبْعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَفِي الِاثْنَتَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَفِي الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْعَفْوَ ثَبَتَ نَصًّا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَلَا نَصَّ هُنَا.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ، ثُمَّ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ مُسِنَّةٍ أَوْ ثُلُثُ تَبِيعٍ، لِأَنَّ مَبْنَى هَذَا النِّصَابِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ عِقْدَيْنِ وَقْصٌ وَفِي كُلِّ عَقْدٍ وَاجِبٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا تَأْخُذْ مِنْ أَوْقَاصِ الْبَقَرِ شَيْئًا».
وَفَسَّرُوهُ بِمَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ، قُلْنَا: قَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا هُنَا الصِّغَارُ.
(ثُمَّ فِي السِّتِّينَ تَبِيعَانِ أَوْ تَبِيعَتَانِ، وَفِي سَبْعِينَ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، وَفِي الْمِائَةِ تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ، وَعَلَى هَذَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ فِي كُلِّ عَشْرٍ مِنْ تَبِيعٍ إلَى مُسِنَّةٍ وَمِنْ مُسِنَّةٍ إلَى تَبِيعٍ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ».
(وَالْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ سَوَاءٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُهُمَا، إذْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهُ، إلَّا أَنَّ أَوْهَامَ النَّاسِ لَا تَسْبِقُ إلَيْهِ فِي دِيَارِنَا لِقِلَّتِهِ، فَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي يَمِينِهِ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا تَأْخُذْ مِنْ أَوْقَاصِ الْبَقَرِ شَيْئًا».
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفَسَّرُوهُ يَعْنِي الْوَقْصَ بِمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إلَى السِّتِّينَ.
قُلْت: رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، قَالُوا: فَالْأَوْقَاصُ؟ قَالَ: مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِشَيْءٍ، وَسَأَسْأَلُهُ إذَا قَدِمْت عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ».
قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: وَالْأَوْقَاصُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ، وَالْأَرْبَعِينَ إلَى السِّتِّينَ. انْتَهَى.
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا بَقِيَّةَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا، وَلَمْ يُتَابِعْ بَقِيَّةَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَلَى هَذَا أَحَدٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ أَيْضًا عَنْ الْحَكَمِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.
وهَذَا السَّنَدُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ مُعَاذًا، قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصَدِّقُ أَهْلَ الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ السِّتِّينَ تَبِيعَيْنِ، وَمِنْ السَّبْعِينَ مُسِنَّةً وَتَبِيعًا، وَمِنْ الثَّمَانِينَ مُسِنَّتَيْنِ، وَمِنْ التِّسْعِينَ ثَلَاثَةَ أَتْبِعَةٍ، وَمِنْ الْمِائَةِ مُسِنَّةً وَتَبِيعَيْنِ، وَمِنْ الْعَشَرَةِ وَمِائَةٍ مُسِنَّتَيْنِ وَتَبِيعًا، وَمِنْ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثَ مُسِنَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَةَ أَتْبِعَةٍ، قَالَ: وَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا آخُذَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ شَيْئًا، إلَّا أَنْ تَبْلُغَ مُسِنَّةً أَوْ جَذَعًا وَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْقَاصَ لَا فَرِيضَةَ فِيهَا»، انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ فِي التَّحْقِيقِ: هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ إرْسَالٌ، وَسَلَمَةُ بْنُ أُسَامَةَ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ غَيْرُ مَشْهُورَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ، انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَعَنَى حَدِيثَ بَقِيَّةَ، وَحَدِيثَ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ بِأَنَّ مُعَاذًا لَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ الْيَمَنِ، بَلْ تُوُفِّيَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ قُدُومِ مُعَاذٍ مِنْ الْيَمَنِ، قَالُوا: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ طَاوُسٍ «أَنَّ مُعَاذًا أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَأُتِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، حَتَّى أَلْقَاهُ، وَأَسْأَلَهُ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ مُعَاذٌ»، انْتَهَى.
وَأُعِلَّ هَذَا بِالِانْقِطَاعِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: طَاوُسٌ لَمْ يُدْرِكْ مُعَاذًا، انْتَهَى.
وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي سُنَنِهِ وَمَتْنُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أُتِيَ بِوَقْصِ الْبَقَرِ، فَقَالَ: لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ بِشَيْءٍ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْفَرِيضَةَ. انْتَهَى.
قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَابًّا جَمِيلًا حَلِيمًا سَمْحًا مِنْ أَفْضَلِ شَبَابِ قَوْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يُمْسِكُ شَيْئًا: وَلَمْ يَزَلْ يَدَّانُ حَتَّى أَغْرَقَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي الدَّيْنِ، فَلَزِمَهُ غُرَمَاؤُهُ حَتَّى تَغَيَّبَ عَنْهُمْ أَيَّامًا فِي بَيْتِهِ، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ، فَجَاءَ وَمَعَهُ غُرَمَاؤُهُ فَطَلَبُوا حَقَّهُمْ، فَكَلَّمَهُمْ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ، فَلَوْ تُرِكَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، لَتُرِكَ مُعَاذٌ مِنْ أَجْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَخَلَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِهِ، وَدَفَعَهُ إلَيْهِمْ، فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ، وَقَامَ مُعَاذٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَانْصَرَفَ إلَى بَنِي سَلِمَةَ، فَمَكَثَ فِيهِمْ أَيَّامًا، ثُمَّ دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ، وَقَالَ لَهُ: لَعَلَّ اللَّهَ يَجْبُرُك، وَيُؤَدِّي عَنْك دَيْنَك، قَالَ: فَخَرَجَ مُعَاذٌ إلَى الْيَمَنِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ مُعَاذٌ مِنْ الْيَمَنِ، فَوَافَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ، اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الْتَقَيَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِنًى، فَاعْتَنَقَا، وَعَزَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ، فَرَأَى عُمَرُ مَعَ مُعَاذٍ رَقِيقًا، فَقَالَ لَهُ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ أُهْدُوا إلَيَّ، وَهَؤُلَاءِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنِّي أَرَى أَنْ تَأْتِيَ بِكُلِّهِمْ إلَى أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: نَعَمْ، فَلَقِيَهُ مُعَاذٌ مِنْ الْغَدِ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، لَقَدْ رَأَيْتَنِي الْبَارِحَةَ، وَأَنَا أَنْزَوِ إلَى النَّارِ، وَأَنْتَ آخِذٌ بِحُجْزَتِي، وَمَا أَرَانِي إلَّا مُطِيعَك، قَالَ: فَأَتَى بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أُهْدُوا إلَيَّ، وَهَؤُلَاءِ لَك، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّا قَدْ سَلَّمْنَا لَك هَدِيَّتَك، فَخَرَجَ مُعَاذٌ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِذَا هُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ، فَقَالَ لَهُمْ مُعَاذٌ: لِمَنْ تُصَلُّونَ؟ قَالُوا: لِلَّهِ، قَالَ: فَأَنْتُمْ لِلَّهِ، فَأَعْتَقَهُمْ»، انْتَهَى.
قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ جَابِرٍ، وَسَكَتَ عَنْهُ حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُعَاذًا عَلَى الْيَمَنِ، فَتُوُفِّيَ، وَاسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ وَمُعَاذٌ بَاقٍ عَلَى الْيَمَنِ»، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ثَنَا نَهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ صُهَيْبٍ «أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُعَاذُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إنِّي لَمَّا قَدِمْت الْيَمَنَ وَجَدْت الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِعُظَمَائِهِمْ، وَقَالُوا: هَذِهِ تَحِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَذَبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَلَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا»، انْتَهَى.
فَهَذَا فِيهِ أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجَعَ مِنْ الْيَمَنِ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيِّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ شَيْءٌ»، انْتَهَى.
وَوَقَفَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: «لَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ شَيْءٌ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُؤَذِّنُ فِيمَا أَجَازَ لَنَا حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَ شُعَيْبٌ ثَنَا سَيْفٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ لَوْذَانَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُمَّالِهِ عَلَى الْيَمَنِ فِي الْبَقَرِ: فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ، تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ، مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ شَيْءٌ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالْأَوْقَاصُ مَا بَيْنَ السِّنَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصَدِّقُ أَهْلَ الْيَمَنِ، وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ السِّتِّينَ تَبِيعَيْنِ، وَمِنْ السَّبْعِينَ مُسِنَّةً وَتَبِيعًا، وَمِنْ الثَّمَانِينَ مُسَنَّتَيْنِ، وَمِنْ التِّسْعِينَ ثَلَاثَةَ أَتْبِعَةٍ، وَمِنْ الْمِائَةِ مُسِنَّةً وَتَبِيعَيْنِ، وَمِنْ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثَ مُسِنَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَ أَتَابِيعَ، قَالَ: وَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا آخُذَ مِمَّا بَيْنَ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَالَ: إنَّ الْأَوْقَاصَ لَا فَرِيضَةَ فِيهَا»، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَالْأَوْقَاصُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ بِهِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ مُعَاذًا، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: «مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ، تَبِيعًا، قَالَ: وَالتَّبِيعُ جَذَعٌ، أَوْ جَذَعَةٌ»، قَالَ ابْنُ زَنْجُوَيْهِ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَوْلُهُ: وَفَسَّرُوهُ - يَعْنِي الْوَقْصَ - بِمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إلَى السِّتِّينَ، قُلْنَا: قَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الصِّغَارُ.
قُلْت: تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ هَلْ تَذْكُرُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَالرَّاوِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ هُوَ خَصِيفٌ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَرَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ وَهُوَ حَافِظٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ شَرِيكٌ وَهُوَ مِمَّنْ سَاءَ حِفْظُهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فَوَصَلَهُ، انْتَهَى.
قَالَ: فِي الْإِمَامِ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَارُودِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمُنْتَقَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: فِي عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَنَسٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْبَقَرِ مُسِنَّةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ»، فَقَالَ: هَذَا يَرْوِيهِ دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَرَفَعَهُ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.
وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ سَوَّارٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ، وَلَكِنْ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ، تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ»، انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي فِي الْعَوَامِلِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: مُرْسَلٌ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ سَلَامَةَ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ دَعَا بِصَحِيفَةٍ زَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِهَا إلَى مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ نُعَيْمٌ: فَقُرِئَتْ وَأَنَا حَاضِرٌ، فَإِذَا فِيهَا مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعُ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةٌ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى يَتِمَّ مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ، فَلَيْسَ عَلَيْك فِيهَا شَيْءٌ، وَسَاقَ صَدَقَةَ الْغَنَمِ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ، وَفِي الْإِبِلِ، فَذَكَرَ صَدَقَتَهَا»، كَمَا ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: «وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِنْ الْغَنَمِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ إلَى سِتِّينَ»، ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ يَعْنِي وَاحِدَةً وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إلَّا إنْ شَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَفِي النَّبَاتِ: مَا سَقَتْهُ الْأَنْهَارُ أَوْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ».
وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ، وَالْحَارِثِ: «الصَّدَقَةُ فِي كُلِّ عَامٍ».
قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: مَرَّةً، وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ: «إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَا ابْنُ لَبُونٍ، فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ شَاتَانِ»، انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مَجْزُومًا بِهِ، لَيْسَ فِيهِ قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا أَعْنِي رِوَايَةَ الْحَارِثِ، وَإِنَّمَا أَعْنِي رِوَايَةَ عَاصِمٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِهِ مَرْفُوعًا، وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ، وَفِيهِ مِنْ الْغَرِيبِ قَوْلُهُ: «وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِنْ الْغَنَمِ»، وَكَذَا قَوْلُهُ: «إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلَا ابْنُ لَبُونٍ، فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ شَاتَانِ».
قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ جَاءَ «فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِنْ الْغَنَمِ» فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «صَدَقَةُ الْإِبِلِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ سَائِمَةٍ شَاةٌ، إلَى أَنْ قَالَ: وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ، فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ»، الْحَدِيثَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَسُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.